لفظية، والقرينة الحالية وهي أن يدل حال المتحدث عنهم على المعنى، مثل قول الشاعر:
أنا ابنُ أباة الضيم من آل مالك ... وإنْ مالكٌ كَانتْ كرام المعادن (١)
هنا لا يمكن أن تكون (إنْ) نافية؛ لأنه كان يفتخر بقومه فيتعين أن تكون مخففة من الثقيلة.
وقوله:{إِنْ أَتَّبِعُ}، أي: ما أتبع {إِلَّا مَا يُوحَى}، يعني: إلا ما أوحاه الله إليَّ من العبادات والمعلومات، يعني: علم الغيب لا أعلمه فلا أتبع إلا ما أوحي إليَّ وكذلك لا أتعبد له إلا بما أوحاه إليَّ، و (الوحي): هو إعلام الله - تبارك وتعالى - لأحد أنبيائه بالشرع، وسمي بذلك من الإيحاء وهو السر والإخفاء؛ لأن الوحي يقع خفياً، ليس كل أحد يدري عنه، ولم يبين الموحي وذلك للعلم به كما قال - عزّ وجل -: {وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي}[سبأ: ٥٠]، فالموحي هو الله - عزّ وجل -، فهذه وظيفة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتلك ما لا يختص بها ولا تقع منه.
قوله:{قُلْ}، يعني: يا محمد بعد أن تبيَّنَ هذا {هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِير}(هل) بمعنى (ما) وجاءت أداة الاستفهام بمعنى النفي؛ لأنها مُشْرَبَة معنى التحدي، يعني: لا يستوي الأعمى والبصير وإن كنتم صادقين فبينوا لي.
وقوله:{الْأَعْمَى} صفة مشبهة {وَالْبَصِيرُ} مَنْ يبصر، فبصير من البصيرة، وبصير من البصر، ومن المعلوم أنه لا أحد يقول: إن الأعمى والبصير سواء، فما المراد بالأعمى هنا، وما المراد
(١) البيت للطرماح بن حكيم الطائي، والبيت في ديوانه (ص ١٧٣)، وهو من شواهد شرح الكافية الشافية (١/ ٥٠٩)، وشواهد التوضيح (ص ٥١).