الفائدة الثانية: التحذير من أن يفتري الإنسان على الله الكذب؛ لأنه بيّن أنه في المرتبة العليا من الظلم، ومن الافتراء على الله كذبًا أن يكذب الإنسان على ربه - عزّ وجل - في مدلول آياته، فيقول:(أراد الله بكذا، كذا وكذا)، هذا كذب على الله، ومن ذلك أن يفتري على الله كذبًا في أحكامه فيقول:(هذا حلال وهذا حرام) كما قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}[النحل: ١١٦].
وعلى هذا فمن قال: المراد بقوله: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[الأعراف: ٥٤] استولى على العرش، فإنه يدخل في الآية لا شك؛ لأنه افترى على الله كذبًا، ومن قال:(إن هذا الشيء حرام) وهو حلال، فقد افترى على الله كذبًا، ومن قال:(هذا حلال وهو حرام فقد افترى على الله كذبًا.
فالقاعدة إذًا في الافتراء على الله كذبًا أن يحرف آياته إلى معانٍ لا يريدها الله - عزّ وجل -، أو يقول بأحكام لم يحكم الله بها، ومن ذلك التكفير، فإذا قال: (هذا كفر) وليس بكفر، فقد افترى على الله كذبًا؛ لأن التكفير حكم شرعي يستدل عليه بالكتاب والسُّنَّة، وليس التكفير إلى الناس، من شاء كَفَّر ومن شاء لم يكفر، بل التكفير إلى الله ورسوله، فمن كفره الله ورسوله وجب علينا أن نكفره، ومن نفى الله ورسوله الكفر عنه، وجب علينا أن ننفي عنه الكفر.
فإن قال قائل: هناك إطلاقات في بعض الأحكام بالكفر، يعني: يطلق عليها الكفر، فكيف نعرف أنه كفر أكبر، أو أصغر؟
نعرف ذلك بقواعد الشريعة العامة، وينزّل الحكم بالكفر