للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من كتاب الله وسُنَّة رسوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فليكن ولا يضرنا إذا لزم، ولا شك أن الله - سبحانه وتعالى - له ذاتٌ مُخالِفةٌ لذوات المخلوقات من كل وجه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]، حتى في الوجود والحدوث مخالفة، فإن الله لم يزل ولا يزال موجوداً بخلاف غيره من المخلوقات، ولكن إياك أن تتصور هذه الذات العلية؛ لأنك لا تستطيع أن تتصورها بصورة مطابقة إطلاقاً، كما قال - عزّ وجل -: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: ١١٠]

الفائدة الثالثة: إثبات العبودية لجميع الخلق؛ لقوله: {فَوْقَ عِبَادِهِ} وهذه هي العبودية الكونية، فكل الخلق عباد الله - عزّ وجل -، يفعل فيهم ما يشاء ولا يمكن لأي أحد براً أو فاجراً مؤمناً أو كافراً أن يستعصي على ربه - عزّ وجل - من هذه الناحية.

الفائدة الرابعة: إثبات اسمي الله (الحكيم والخبير) وما تضمناه من صفة، فالذي تضمنه الحكيم صفتان الإحكام والحكم، وإن شئت فقل: الحِكْمة والحُكْم، وقد سبق في التفسير أن الحكمة هي وضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها، وقال بعضهم: (إن الشرع ما أمر بأمر فقال العقل: ليته لم يأمر به، ولا نهى عن شيء فقال العقل: ليته لم ينه عنه)؛ لأن أوامر الشرع ونواهيه مطابقة تماماً للحكمة، كذلك الأمور الكونية كلها مطابقة للحكمة كما سبق في التفسير.

وأيضاً بالنسبة للحُكْم فحكم الله نوعان: شرعي وقدري، وإن شئت قل كوني،، وهى أيضاً موافقة للحكمة، وتقدم أيضاً أن الحكمة

<<  <   >  >>