الثالث: أنه تقام فيه الأشهاد الذين يشهدون، هذه الأمة تشهد على الأمم السابقة، والرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يكون شهيداً على هذه الأمة.
فلهذه الأمور الثلاثة سمي يوم القيامة، فإذا قيل ما هو الدليل؟
قلنا: أما الأول فدليله قول الله - عزّ وجل -: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦)} [المطففين: ٦]، وأما الثاني: فقوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}[الأنبياء: ٤٧]، أي: لليوم الذي يقام فيه العدل، وأما الثالث فقوله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١)} [غافر: ٥١].
قوله:{لَا رَيْبَ فِيهِ} هذا نفي يراد به تأكيد الإثبات السابق في قوله: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ}، أي: جمعاً مؤكداً لا ريب فيه، والنفي هنا ليس نفياً محضًا، بل لبيان كمال إثبات أنه أمر لا ريب فيه، وعلى هذا التقرير يكون النفي على بابه، وقيل إن النفي بمعنى النهي أي: لا ترتابوا فيه، والأول أبلغ؛ لأنه إذا قيل {لَا رَيْبَ فِيهِ} فإذا ارتاب إنسان فلخلل في عقله؛ لأن ما نُفِي فيه الريب مطلقاً لا يمكن أن يرتاب فيه عاقل، فجعلها للنفي على بابها أبلغ وأولى.
قوله:{الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ}{الَّذِينَ} مبتدأ، والخبر قد يكون محذوفاً، والتقدير: الذين خسروا أنفسهم خاسرون، كما قال - عزّ وجل -: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[الزمر: ١٥] فيكون المعنى الذين خسروا أنفسهم هم الخاسرون حقاً.