أما إذا جعلناها من السكنى فالمعنى أن له كل شيء؛ لأن كل المخلوقات ساكنة في مقارّها.
فإن قيل: وإذا كان اللفظ صالحاً لهذا وهذا، فهل نستعمله في المعنيين؟
فالجواب: نعم، بشرط ألا يقع بينهما منافاة، فإن وقع بينهما منافاة أخذ بما يرجحه الدليل، تأمل قوله:{فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} تجد أنه عام في الزمان، وقوله: في الآية التي قبلها: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} عام في المكان، فذكر الله - تبارك وتعالى - عموم المكان وعموم الزمن.
قوله:{وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ذكر السميع لكل صوت، والعليم بكل حال، وأقسام السمع التي وصف الله بها نفسه قسمان: سمع إجابة وسمع صوت:
سَمْعِ الإجابة: في مثل قول الله - تبارك وتعالى -: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ}[إبراهيم: ٣٩]، وهذا يشمل سمع الإجابة وسمع الصوت، ومنه قول المصلي:"سمع الله لمن حمده".
وسمع الصوت: أقسام، وإن شئت قل "أنواع"؛ لأننا ذكرنا أنَّ الأول أقساماً:
النوع الأول: المقصود به التأييد والنصر، والثاني المراد به التهديد، والثالث المراد به الإحاطة.
مثال الذي يقصد له التأييد: قول الله - تبارك وتعالى - لموسى وهارون:{لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}[طه: ٤٦].
ومثال الذي يقصد به التهديد: قوله تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى}[الزخرف: ٨٠].