للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقولهم: {يَالَيْتَنَا} (يا) للتنبيه، وليست حرف نداء، وإنما قلنا ذلك؛ لأن (ليت) حرف لا يصح أن ينادى، هذا هو الأسهل والأقرب، وقيل: إن (يا) حرف نداء، والمنادى محذوف، ويقدر بحسب ما يقتضيه السياق، فهنا يقدر بقول: (يا ربنا ليتنا نرد)، لكن ما قلناه أولًا أصح؛ لأنه أيسر، ولا يحتاج إلى تقدير، وإذا دار الكلام بين أن يكون فيه شيء مقدر أو لا، فإننا نأخذ بعدم التقدير؛ لأنه الأصل.

وقوله: (ليت) للتمني، والتمني يكون في المحال وفي الصعب، أما في المحال كقول الشاعر:

ألا ليتَ الشبابَ يعودُ يومًا ... فأخبرهُ بما فعلَ المشيبُ (١)

أما في العسير فكقوله:

قالت: ألا لَيْتَمَا هذا الحمامَ لنا ... إلى حَمَامَتِنا أو نِصْفَهُ فقدِ (٢)

وكقول الفقير: ليت لى مالًا فأتصدق منه، فهذا ليس بمحال لكنه عسير، وهنا قوله: {يَالَيْتَنَا نُرَدُّ} تمني محال أو تمني عسير؟ تمني محال؛ لأنه لا يمكن أن يردوا إلى الدنيا، مع أنهم لو ردوا لكان الأمر خلاف ما قالوه: {وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا} وهذه داخلة في ضمن التمنى، {وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} كذلك فتمنوا ثلاثة أشياء:

الأول: الرد إلى الدنيا.

الثاني: ألا يكذبوا بآيات الله.


(١) البيت لأبي العتاهية، في ديوانه (ص ٤٦)، طبعة دار بيروت.
(٢) البيت للنابغة الذبياني، في ديوانه (ص ٢٤).

<<  <   >  >>