الفائدة العاشرة: قوة عظمة الله وسلطانه - عزّ وجل -، حيث إنه لا مبدل لكلماته، أما غير الله فمهما بلغ من السلطان والقدرة والقوة والجنود، فإن كلماته تبدل.
فإن قال قائل: وما تقولون في النسخ، أليس فيه تبديل؟
قلنا: بلى، فيه تبديل، لكن مَنْ بدله؟ إنه الله - عزّ وجل - وكلماته الناسخة لا مبدل لها، فلا يمكن أن نلغي الناسخة؛ لأنها كلمات الله - عزّ وجل -، قال الله - عزّ وجل -: {وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ}.
الفائدة الحادية عشرة: إثبات أن الله يتكلم، وهذا قد مُلئ منه القرآن، وقد جاءت الآية الكريمة في قوله تعالى:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[النساء: ١٦٤] مؤكدة ذلك؛ لأن {تَكْلِيمًا} مصدرَ مؤكَّد، والمصدر المؤكد ينفي احتمال المجاز.
وهل كلمات الله - عزّ وجل - بحروف، أم بغير حروف، وبأصوات، أم بغير أصوات؟
الجواب: بأصوات، فالله - عزّ وجل - يتكلم بصوتٍ مسموعٍ، ولا يمكن أن يكون الكلام معنىً قائمًا في النفس؛ لأن المعنى القائم في النفس لا يسمى كلامًا، بل يسمى حديثَ نفس، فالكلام ما نطق به اللسان وليس ما حل بالجنان، ولهذا إذا أراد الله - عزّ وجل - حديث النفس عبر عنه كما في قوله:{وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ}[المجادلة: ٨].
وقد خالف في الكلام طوائفُ - كما بيناه في شرح النونية -، من أبينها وأبرزها: مذهب المعتزلة الذين يقولون: إن كلام الله أصواتٌ مخلوقةٌ، خلق الله أصواتًا كما خلق أصوات الرعد