للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢)} [هود: ١٠٢]، فلا بد أن يعثر الظالم، ولا بد أن يخسر، طالت الدنيا أم قصرت فمن كان ظالمًا بمبدأ من المبادئ فلا بد أن ينخذل هذا المبدأ حتى بعد موته، وإذا كان خاصًا فإنه، وإن لم يحصل له ذلك في الدنيا حسب ما نرى فهو في الآخرة، وربما يكون في قلب الظالم أشياء لا ندري عنها يبتلى بها من ضيق الصدر وكراهة الحق وما أشبه ذلك.

أما الفلاح المقيد بمعنى أن يفلح في زمن معين، أو مكان معين، أو قضية معينة فهذا يمكن أن يقع، ولا يخالف الآية؛ لأن الله تعالى قد يعطي الظالم فلاحًا حتى يغتر بهذا الفلاح فيتمادى في طغيانه، ثم يقصم الله ظهره، وقد أشار الله تعالى إلى هذا في سورة آل عمران قال تعالى: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (١٤١)} [آل عمران: ١٤١] يمحص المؤمنين بكفارات الذنوب على ما حصل من هزيمة، ويمحصهم ألا يعودوا إلى المعصية مرة ثانية.

ولكن كيف يمحق الله الكافرين وهم منتصرون؟

الجواب؛ لأن الكافر إذا انتصر تجرأ وافتخر واعتز، فالظالم قد يفلح، ولكن فلاحًا مقيدًا لحكمة، أو حِكَم لا نعلمها نحن ولكن يعلمها الله - عزّ وجل -، وموقفنا إذا سُلط الظالم علينا أن نصبر، وألا نيأس، وأن ننتظر الفرج من فاطر الأرض والسماوات، فإن الصبر مفتاح الفرج، كما قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفَرَج


= أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ} (٤٦٨٦)، ورواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب: تحريم الظلم (٢٥٨٣).

<<  <   >  >>