قوله:{وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ}{وَأُوحِيَ} أبهم الفاعل؛ لأنه معلوم، فالموحي هو الله - عزّ وجل -.
والوحي في اللغة العربية: هو الإعلام بسرعة وخفاء، أي: أن تُعلم صاحبك بسرعة فتعطيه كلمات يفهمها بسرعة وخفاء، لئلا يطلع عليها أحد، فأصل الوحي السر.
لكنه في الاصطلاح: هو عبارة عن تكليم الله - عز وجل - بواسطة أو بغير واسطة، لأحد من عباده بشريعة يبلغها الناس، وسُمي بذلك؛ لأن الوحي خفي، تارة يكون في روع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتارة يكون بتكليم الله للرسول من وراء حجاب، وتارة يكون بإرسال رسول يرسله الله - عزّ وجل - فيوحي بإذنه ما يشاء.
وقوله:{الْقُرْآنُ} مصدر؛ كالغفران والشكران، وهل هذا المصدر بمعنى اسم المفعول، أو بمعنى اسم الفاعل؟ فالمصدر قد يأتي بمعنى اسم الفاعل، ويأتي بمعنى اسم المفعول، تقول: هذا عدل رِضَى، أي: عادل راضٍ، وفي الحديث "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"(١)، أي: مردود.
وكلمة (القرآن) هنا مصدر يشمل المعنيين، فهو بمعنى اسم فاعل، أي: قارئ؛ لأنه جامعٌ آياته وكلماته وما يحتاج الناس إليه، وبمعنى مفعول، أي: مقروء، وكلا الوصفين ثابت للقرآن الكريم.
قوله:{لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ}(اللام) هنا متعلقة بـ {أُوحِيَ}، أي:
(١) رواه البخاري، كتاب الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود (٢٦٩٧)، ومسلم، كتاب الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور (١٧١٨).