بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً" (١).
الفائدة العاشرة: صحة النهي عما لا يمكن أن يقع لقوله: {وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، فشرك النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن يقع شرعاً، ومع ذلك نُهي عنه.
إذا قال قائل: ما هي الحكمة مع أنه لا يمكن أن يقع؟
قلنا: الحكمة فيما نعلم من وجهين:
الوجه الأول: دعوته إلى الثبات على الإخلاص، وإن كان الشرك لا يقع منه، حتى لا يشرك في المستقبل.
والثاني: طمأنة أمته إذا نهوا عن الشرك، بأن ذلك ليس بمستنكر، وليس فيه بأس؛ لأن الله أمر إمامهم - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ألا يكون من المشركين.
وهل يؤخذ من هذا أنه يجوز أن نقول للشخص:(أنت مشرك) إذا فعل ما يكون شركاً؟
قلنا: يمكن أن نقول هذا، وذلك على حسب ما تقتضيه الحال، إن كنا نظن أننا إذا قلنا:(أنت مشرك) أخذته الحمية الجاهلية فاستكبر واستنكف؛ فإننا لا نخاطبه بهذا الأسلوب، وإن كنا نعلم أنه ممن يتقي الله، وأننا إذا قلنا:(هذا شرك فإن فعلت فأنت مشرك، وإن قلت فأنت مشرك) أخذه خوفُ الله - عزّ وجل - فأبعد عن ذلك إبعاداً كاملاً، فإننا لا بأس أن نقول له ذلك.
* * *
(١) أخرجه البخاري: كتاب الوصايا، باب: هل يدخل النساء والولد في الأقارب، رقم (٢٧٥٣)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)}، رقم (٢٠٦).