ونقول له أيضًا: إذا أُصبت بمرض جسمي فإنك تطرق باب كل طبيب لعلاجك، وتصبر على ما ينالك من ألم عملية الجراحة وعلى مداواة الداء، فلماذا لا تفعل مثل ذلك في مرض قلبك بالمعاصي؟
* قال الله - عزّ وجل -: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٣٦)} [الأنعام: ٣٦].
قوله:{إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} يستجيب ويجيب معناهما واحد، والجملة فيها حصر، طريقه {إِنَّمَا}، يعني: ما يستجيب لدعوتك يا محمد إلا الذين يسمعون، والمراد بالسماع هنا سماع الانقياد والقبول، وليس سماع الإدراك؛ لأن سماع الإدراك يدخل فيه البر والفاجر والمؤمن والكافر، ويدل على التفريق بين سماع القبول والإذعان، وسماع الإدراك قول الله - تبارك وتعالى -: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (٢١)} [الأنفال: ٢١]، أي: لا يستجيبون وينقادون.
قوله:{وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ} هذه جملة مستأنفة لا يصح أن تعطف على ما سبق، {وَالْمَوْتَى} جمع ميت، وهل المراد موتى القلوب أو موتى الأجسام؛ في ذلك قولان للعلماء، بعضهم قال:{وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ}، أي: موتى القلوب وهم الكفار يبعثهم الله فيجازيهم، وبعضهم قال: الموتى موتى الأجساد، يبعثهم الله ردًا على الذين ينكرون البعث، وإذا كانت الآية تحتمل معنيين ليس أحدهما أظهر من الآخر ولا منافاة بينهما فالقاعدة أن تحمل