من الكرب، وهو يعلم أنهم إذا نجوا سوف يشركون، لكن وقوعهم في الشدة تقتضي رحمة الله - عزّ وجل - أن يجيب دعاءهم، ومثل ذلك المظلوم، فإن الله يجيب دعوته ولو كان كافراً، فهذان الصنفان تجاب دعوتهما: الأول المضطر، والثاني المظلوم، يجيب الله دعوتهما، أما المضطر: فلأن رحمة الله سبقت غضبه فيرحم المضطر، وجيب دعوته، وأما المظلوم: فلكمال عدل الله - عزّ وجل - أن يجيب المظلوم انتصاراً له على الظالم.
الفائدتان الرابعة والخامسة: أنه لا يصرف السوء إلا الله - عزّ وجل -، ويتفرع على هذه الفائدة أنه إذا أصابك السوء فلا تلجأ إلا إلى الله - عزّ وجل -.
فإن قيل: وهل هذا اللجوء فطري أم هو شرعي عقلي؟
الظاهر أنه شرعي عقلي؛ وذلك لأن بعض الذين يصيبهم الضر لا يلجأون إلى الله؛ كالرافضة مثلاً: إذا أصابهم الضر يلجأون إلى أئمتهم على بن أبي طالب، أو الحسين - رضي الله عنهما -، أو غيرهما من أئمتهم، ونحن لا ننكر أن لأئمتهم الحقيقيين درجة عند الله - عزّ وجل - على حسب عملهم، لكننا ننكر أن يدعى هؤلاء من دون الله - عزّ وجل -.
الفائدة السادسة: الحذر من ممارسة السيئات، فإن الإنسان ربما يتوب إلى الله - عزّ وجل -، ثم يعود، ولهذا قال:{وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ}{وَتَنْسَوْنَ} هنا بمعنى تتركون، يعني: أن الآلهة التي كنتم تشركون بها تتركونها، وقد تقدم في التفسير أنه يحتمل أن المعنى الترك، أو الذهول لشدة ما نزل بهم.