لأنه لو نَسَبَ نعيم الدنيا كله إلى نعيم الآخرة لم يكن شيئًا، أما الكافر فهي جنته؛ لأنه في الدنيا كان في أهله مسرورًا، لكن في الآخرة على العكس من ذلك، ويروى عن الحافظ ابن حجر، وكان رئيس القضاة في مصر، أنه مَرَّ بيهودي زيَّات، قد تعب من أذى الزيت والحرارة وغير ذلك، وابن حجر - رحمه الله - تجره الخيول، أو البغال على العربة؛ لأنه كان قاضي القضاة في مصر، فاستوقفه هذا اليهودي، وقال: كيف تكون أنت في هذه الحال، وأنا في هذه الحال، والحديث عندكم "إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر؟ " فأجابه على البديهة، قال: ما المؤمن فيما فيه من النعيم بالنسبة للآخرة إلا سجن، وما البؤس، أو الشقاء الذي أنت فيه بالنسبة للآخرة إلا جنة، فعلم اليهودي الحقيقة وأسلم (١).
وقد ذكر الله تعالى في تفضيل الآخرة على الدنيا ثلاث آيات.
الآية الأولى: تتعلق بشخص معين.
والثانية: بمعين بوصفه.
والثالثة: مطلقة.
أما الآية المقيدة بشخص معين فهي قوله تعالى: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (٤)} [الضحى: ٤]، وهو الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -.