نقول: الكفار في الآخرة يعاملون بالعدل لا يعاملون بالرحمة، أيضًا البهائم وغير العاقل يعاملون بالعدل؛ لأن الله يقضي بين البهائم، ثم يأمرهن أن يكنّ ترابًا فيكنّ ترابًا ولا نعيم.
وذِكْرُ هذين الاسمين الكريمين عند البسملة التي تتقدم فِعْلَ العبد وقوله إشارةٌ إلى أن الله إذا لم يرحمك فلن تستفيد من هذا الفعل، ولا من هذا القول، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لن يدخل أحد الجنة بعمله"، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال:"ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته"(١).
قوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ}(أل) هنا للاستغراق، أي: جميع الحمد من كل وجه ثابت لله - عزّ وجل -، و (اللام) في قوله: (لله): إما للاختصاص، وإما للاستحقاق، ولا تنافي بين المعنيين، وعلى هذا فتكون للاستحقاق والاختصاص؛ لأن (أل) في قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} للعموم، ولا أحد يستحق الحمد على العموم إلا الله - عزّ وجل -.
ولكن ما هو الحمد؟
كثير من الناس يفسرون الحمد بالثناء على الله بالجميل الاختياري، ولكن هذا ليس بصحيح؛ لأن الثناء هو تكرار
(١) رواه البخاري، كتاب المرضي، باب: تمني المريض الموت (٥٦٧٣)، ومسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب: لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله (٢٨١٦).