وقوله:{مُبِينٌ} بمعنى بيّن ظاهر، وذلك؛ لأن (بان) و (أبان) يأتيان بمعنى واحد تقول: (بأن الصبحُ) و (أبان الصبح) أبان رباعي وبان ثلاثي، (بأن) يقال: بيِّن، و (أبان) يقال: مبين على أن أبان يأتي متعديًا لا بمعنى بأن مثل أن تقول: أبان الحقّ، وأبان الأمرَ لي، بمعنى أظهره.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: بيان عناد المكذبين للرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، وجه ذلك: أن الله ذكر أنه لو نُزِّل عليه كتاب في قرطاس ولمسوه بأيديهم لقالوا هذا سحر وليس بصحيح، وجه هذا الاستنتاج - مع أنه قد لا يكون من اللائق أن نقول استنتاج فنقول وجه ذكر الله ذلك عنهم -؛ أنه أتاهم من الآيات ما يؤمن على مثله البشر ومع ذلك {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢)} [القمر: ٢] فعلم الله من حالهم أنهم لو وصلت بهم الحال إلى هذا وأنزل إليهم كتابًا في قرطاس كما عهدوه ولمسوه بأيديهم قالوا: هذا سحر مبين.
الفائدة الثانية: الإشارة إلى أن الكتاب إذا كان في قرطاس فهو أبين وأظهر، وإلا يمكن أن يكتب على غير القرطاس في لوح من خشب، أو في لوح من عظام، أو في لوح من أحجار، أو في لوح من جريد النخل، كما كان في أول الأمر، لكن القرطاس أثبت وألين وأسهل.
الفائدة الثالثة: أن هؤلاء المكذبين لن يؤمنوا ولو جاءتهم كل آية؛ لأن من أعظم الآيات أن ينزل الكتاب يشاهدونه بقرطاس ويلمسونه ثم ينكرونه، ويفسر هذا قول الله - تبارك وتعالى -: {إِنَّ