للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والوسط هو الذي هدى الله إليه سلف الأمة وأئمة الأمة وأهل السُّنَّة، أن الله تعالى في مكان فوق كل شيء، وليس معنى ذلك أنه في مكان يحيط به، كما لو كنا في مسجد تحيط بنا جدران المسجد، بل هو فوق كل شيء؛ لأن ما فوق المخلوقات عدم، ليس فوقها شيء حتى نقول: (إن الله قد أحاط به شيء من مخلوقاته)، فهو فضاء عدمي، والله تعالى فوق كل شيء.

وقد دل على فوقية المكان الكتابُ والسُّنَّة

فقال سبحانه وتعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦)} [الملك: ١٦]، وقال سبحانه وتعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه: ٥].

ومن السُّنَّة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سأل الجارية أين الله؟ قالت: في السماء، فأقرها، وقال: "أعتقها فإنها مؤمنة" (١).

ومن السُّنَّة الفعلية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع كان يقول: "اللهم اشهد" ويرفع إصبعه إلى السماء، ثم ينكتها إلى الناس يردها إليهم (٢).

وأما الدليل العقلي على علو الله - عزّ وجل -: أن العلو صفة كمال، والله تعالى موصوف بصفات الكمال، فلزم أن يكون عالياً ولأن ضد العلو السفل؛ لأنهما متقابلان، فإذا انعدم علوه لزم ثبوت سفوله، وهذا مستحيل على الله - عزّ وجل -.

وأما من الفطرة: فإن الإنسان كلما دعا يجد من نفسه


(١) رواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته (٥٣٧).
(٢) رواه مسلم، كتاب الحج، باب: حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (١٢١٨).

<<  <   >  >>