المداهنة في هذا، ولا تجوز الموافقة، بل تجب البراءة، والعجب أن بعض الناس يداهن هولاء الكفار ويقول:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}[البقرة: ٢٨٥]، يعني: فنحن مؤمنون بعيسى، يقولون ذلك أمام النصارى، وأمام اليهود يقولون: نحن مؤمنون بموسى والمسألة ليست هي الإيمان بموسى وبعيسى، نحن نؤمن بهذا، إنما المسألة هي الكفر بمحمد - عليه الصلاة والسلام -، هؤلاء كافرون بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، فهم غير مؤمنين لا بموسى ولا عيسى، وقد سبق أن من كذَّب رسولًا واحدًا فقد كذب جميع الرسل، واستدللنا لذلك بقول الله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥)} [الشعراء: ١٠٥]، وبقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٥١)} [النساء: ١٥٠، ١٥١].
لكن لو قال قائل: ما الفرق بين المداهنة والمداراة؟
فالجواب: المداهنة: أن الإنسان يُبقي لصاحبه على ما هو عليه ولا يتكلم معه، والمداراة: أنه يريد أن ينقله مما هو عليه لكن بتلطف.