للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن الله - عزّ وجل - أعطى كل نوع من هذه الأمم هداية يهتدي بها كيف يعيش، ويقال: إن أذكى ما يكون النمل - سبحان الله - أعطاه الله تعالى ذكاء عجيباً، فهو من الحيوان الذي ينظر إلى المستقبل، فإذا جاء وقت الحَبّ جمع الحَبّ في جحوره وماذا يصنع؛ يأكل رأس الحبة من أجل ألا تنبت؛ لأنها لو نبتت فسدت عليه، ثم إذا جاءت الأمطار، ووصل المطر إلى الحب خرج به مهما كان ينشره لئلا يفسد ولاتقاء رائحته، فسبحان الله، وهذا شاهدناه وشاهده غيرنا.

فإن قال قائل: إذا رأيت هذا الحَبّ الذي أخرجه النمل، هل يجوز أخذه؟

فالجواب: يجوز أخذه عند الضرورة؛ لأن حرمة الآدمي أبلغ من حرمة النمل، ثم نقول أيضاً: يجوز إذا كان النمل يمكن أن يتغذى بغيره؛ لأن النمل في أيام الشتاء لا يخرج، بل يبقى في جحوره، وإذا لم يكن مضطراً نظرنا، إذا كان لا يمكن أن يجلب طعاماً غيره فلا بأس أن يأخذه وإلا فيبقيه لها؛ لأني أخشى أن يكون هذا من جنس حبس الهرة التي دخلت النارَ امرأةُ بها لا هي أطعمتها، ولا أرسلتها تأكل من خشاش الأرض (١).

ونظير ذلك أيضاً لو وجدْت مع هرةٍ لحماً جاءت به من الجيران هل لك أن تأخذه من هذه الهرة؟


(١) للحديث الذي أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب: خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم، رقم (٣٣١٨)، ومسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب: تحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان، رقم (٢٦١٩).

<<  <   >  >>