للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكافر لقوله: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}، فجعل سبحانه وتعالى نفسه ربًا لهؤلاء ولا إشكال في ذلك، فهذه هي الربوبية العامة، وهناك ربوبية خاصة بالمؤمنين تقتضي الكلاءة والعناية والحفظ والتربية، وقد اجتمع النوعان في قول سحرة فرعون: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٢)} [الأعراف: ١٢١، ١٢٢]، فالأولي عامة، والثانية خاصة.

* * *

* قال الله - عزّ وجل -: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢)} [الأنعام: ٢].

لما ذكر خلق السماوات والأرض ثنّى بخلقنا نحن فقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ}، والطين هو: التراب المبلول بالماء، أو المخلوط بالماء، وهو معروف؛ وذلك بخلق أصلنا وهو آدم، أما الإنسان فقد خُلِق من ماء مهين، من النطفة، لكن اَدم خُلِق من طين.

قوله: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا}، أي: قدّر أجلًا انقضى وانتهى.

قوله: {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ}، أي: معلوم عند الله، وهنا الأفضل أن نقف على قوله {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا} ولا نصل؛ لأن الوصل قد يُشْعِرُ بالتناقض، وَجْهُه: أن الأول منصوب (أجلًا)، والثاني مرفوع (وأجلٌ)، والحكم أيضًا مختلف، كما يتبين إن شاء الله في الفوائد.

وقوله: {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ}، أي: عند الله وهو قيام الساعة، فإن هذا مما يختص الله به - عزّ وجل - قال الله تعالى: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: ٦٣] وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي}

<<  <   >  >>