لما ذكر خلق السماوات والأرض ثنّى بخلقنا نحن فقال:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ}، والطين هو: التراب المبلول بالماء، أو المخلوط بالماء، وهو معروف؛ وذلك بخلق أصلنا وهو آدم، أما الإنسان فقد خُلِق من ماء مهين، من النطفة، لكن اَدم خُلِق من طين.
قوله:{وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ}، أي: معلوم عند الله، وهنا الأفضل أن نقف على قوله {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا} ولا نصل؛ لأن الوصل قد يُشْعِرُ بالتناقض، وَجْهُه: أن الأول منصوب (أجلًا)، والثاني مرفوع (وأجلٌ)، والحكم أيضًا مختلف، كما يتبين إن شاء الله في الفوائد.
وقوله:{وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ}، أي: عند الله وهو قيام الساعة، فإن هذا مما يختص الله به - عزّ وجل - قال الله تعالى:{يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ}[الأحزاب: ٦٣] وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي}