قوله:{فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ}، يعني: لم يتخيلوه من بُعْدٍ بل هو بين أيديهم يلمسونه نازلًا من السماء إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
فإذا قال قائل: وهل هناك لمس بغير اليد حتى يقول الله - عزّ وجل - {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ}؟
فالجواب إن شئت فقل: نعم؛ لأن الإنسان يمس بقدمه، ويمس بلسانه، ويمس بكل أجزاء جلده؛ وإن شئت فقل إن اللمس يكون باليد لكن ذكرت اليدُ هنا من باب التوكيد؛ كقوله - تبارك وتعالى -: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ}[الأنعام: ٣٨]، ومعلوم أن الطائر لا يطير إلا بجناح.
قوله:{لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} هذا جواب الشرط، وفي قوله:{لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} إظهار في موضع الإضمار لم يقل لقالوا: إشارة إلى فائدتين فائدة متعدية وفائدة لازمة، الفائدة اللازمة هي الحكم عليهم بالكفر، والمتعدية هي أن من قال قولهم فهو كافر.
وقوله:{إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}{إِنْ} هنا نافية؛ بدليل قوله:{إلَّا} فـ (إِنْ) إذا أتت بعدها (إلا) فهي للنفي، وقد تكون للنفي وإن لم تَأتِ بعدها إلا.
و (إنْ) تأتي نافية كما في هذه الآية، وتأتي شرطية مثل قوله تعالى {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ}[الزمر: ٧] وتأتي مخففة من الثقيلة؛ كقوله:{إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}[طه: ٦٣] أصلها إنَّ هذين لساحران، وتأتي زائدة كما في قول الشاعر: