للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ}، يعني: كتابًا عاديًا يدركه الناس.

قوله: {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ}، يعني: لم يتخيلوه من بُعْدٍ بل هو بين أيديهم يلمسونه نازلًا من السماء إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

فإذا قال قائل: وهل هناك لمس بغير اليد حتى يقول الله - عزّ وجل - {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ}؟

فالجواب إن شئت فقل: نعم؛ لأن الإنسان يمس بقدمه، ويمس بلسانه، ويمس بكل أجزاء جلده؛ وإن شئت فقل إن اللمس يكون باليد لكن ذكرت اليدُ هنا من باب التوكيد؛ كقوله - تبارك وتعالى -: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: ٣٨]، ومعلوم أن الطائر لا يطير إلا بجناح.

قوله: {لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} هذا جواب الشرط، وفي قوله: {لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} إظهار في موضع الإضمار لم يقل لقالوا: إشارة إلى فائدتين فائدة متعدية وفائدة لازمة، الفائدة اللازمة هي الحكم عليهم بالكفر، والمتعدية هي أن من قال قولهم فهو كافر.

وقوله: {إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} {إِنْ} هنا نافية؛ بدليل قوله: {إلَّا} فـ (إِنْ) إذا أتت بعدها (إلا) فهي للنفي، وقد تكون للنفي وإن لم تَأتِ بعدها إلا.

و (إنْ) تأتي نافية كما في هذه الآية، وتأتي شرطية مثل قوله تعالى {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ} [الزمر: ٧] وتأتي مخففة من الثقيلة؛ كقوله: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: ٦٣] أصلها إنَّ هذين لساحران، وتأتي زائدة كما في قول الشاعر:

<<  <   >  >>