للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا قال قائل: ما دواء قسوة القلب؟

قلنا: هذا سؤال يرد كثيراً من بعض المستقيمين الذين مَنَّ الله عليهم بالاستقامة، ثم يحصل لهم هزة فيقسو القلب.

والجواب عليه: أن من أسباب إزالة القسوة كثرة قراءة القرآن بتدبر، وأَنْ تشعر وأنت تقرأ أن هذا كلام الله - عزّ وجل - كلام الله خالق السماوات والأرض، لا كلام البشر، وحينئذٍ تُعَظِّمُ هذا الكلام وتنتفع به.

ومنها: كثرة ذكر الله - عزّ وجل -، فأَكْثِر من ذكر الله، وذكر الله - عزّ وجل - ليس فيه صعوبة؛ لأن الذي يتحرك هو اللسان والشفتان، قال الله - عزّ وجل -: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: ٢٨].

ومنها: مصاحبة الأخيار، فإن مصاحبة الأخيار تكسب الإنسان خيراً كثيراً، وفي الحديث "أن الجليس الصالح كحامل المسك إما أن يحذيك" - أي: يعطيك تبرعاً - "وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه رائحة طيبة" (١)، فاحرص على مصاحبة الأخيار وانتفع بهم وانفعهم؛ لأنه ليس كلُّ أحد معصوماً.

ومن أسباب لين القلب: رحمة الصغار، ولا سيما اليتامى، فإنها توجب رقة القلب، وجرب تجد، ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" (٢)، وهذا يشمل


(١) رواه البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب: المسك (٥٥٣٤)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب: استحباب مجالسة الصالحين، ومجانبة قرناء السوء (٢٦٢٨).
(٢) رواه الترمذي، كتاب البر والصلة، باب: ما جاء في رحمة الناس (١٩٢٤)، وأبو داود، كتاب الأدب، باب: في الرحمة (٤٩٤١).

<<  <   >  >>