قيل: إن هذه الآية لها سبب، وهو أن المشركين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: من يشهد لك بأنك حق، اليهود والنصارى أنكروا، فمن يشهد لك؟ فأنزل الله هذه الآية، وسواء كان هذا هو السبب أو لم يكن فلا شك أن الشيطان يلقي في قلوب المشركين، ويقول: ماذا عند محمد من الآيات؟ وماذا عنده من الشهادة؟ فقال الله - عزّ وجل -: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} المعنى: قل يا محمد لهؤلاء المكذبين أي شيء أكبر شهادة فإن أجابوا خصموا، وإن لم يجيبوا فأجب أنت، ولهذا أمر الله نبيه أن يجيب قبل أن يجيب هؤلاء، لئلا يكابروا ويعاندوا فقال:{قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} والمتبادر إلى الذهن أن قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ} جواباً لهم لو قالوا: من الشاهد؟ لكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يسألهم يقول:{أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} ربما يكابرون ويقولون: لا شاهد لك، فقال:{قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ}.
نُعرب هذه الآية:
لأن فيها أوجهاً:
{قُلِ اللَّهُ} الإعراب الأول: أن يكون الاسم الكريم مبتدأ، والخبر محذوف، والتقدير (قل الله أكبر شهادة)، وعلى هذا التقدير يكون قوله:{شَهِيدٌ} خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير هو شهيد بيني وبينكم ليكون مطابقاً لقوله:{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً}.
الوجه الثاني: أن يكون الاسم الكريم خبراً لمبتدأ محذوف تقديره هو الله، وعلى هذا التقدير يكون قوله:{شَهِيدٌ} يجوز فيها وجهان:
الوجط الأول: أن تكون خبراً ثانياً للمبتدأ المحذوف، ويكون التقدير (هو الله شهيدٌ).