الفائدة الرابعة: أن الفقه محله القلب؛ لقوله:{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ}.
فإن قال قائل: ما سبب هذه الأكنة التي تحجب الحق عن القلب؟
فالجواب: أن سببها المعاصي، كما قال الله تبارك وتعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)} [المطففين: ١٣، ١٤]، فالمعاصي تحول بين الإنسان وبين الفقه في دين الله، ولهذا قال بعض العلماء: ينبغي لمن يُستفتى أن يستغفر الله قبل الإجابة، حتى يمحو الاستغفار ما كان على القلب من الرين، واستدل بقول الله تبارك وتعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (١٠٥) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٦)} [النساء: ١٠٥، ١٠٦]، وهذا استنباط جيد، لا سيما إذا اشتبهت عليك المسألة وحيل بينك وبين معرفة الصواب فيها، فعليك بالاستغفار والدعاء ولا تتسرع؛ لأنك تعبر عن شرع الله - عزّ وجل -.
الفائدة الخامسة: أن عدم الانتفاع بالسماع كالصمم تمامًا؛ لقوله:{وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} بل صاحب الصمم معذور، والذي لا ينتِفع بما سمع غير معذور؛ لأن صاحب الصمم لم يسمع من آفةٍ حلَّت به.
الفائدة السادسة: أن هؤلاء الكفار لا ينتفعون بما سمعوا ولا ينتفعون بما شاهدوا؛ لقوله:{وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا} والآيات نوعان، آيات قدرية وآيات شرعية، فمن الآيات القدرية