حسيًا منهما، أما إذا قلنا - وهو الصحيح - إنه يشمل الظلمات الحسية والمعنوية، وكذلك النور الحسي، والمعنوي فالأمر ظاهر؛ لأن شُعَبَ الكفر كثيرة، والإيمانَ شيء واحد، وفروعه مجرد فروع، وإلا فإن أصله ثابت وصراط الله تعالى واحد، والطرق الأخرى متعددة، قال الله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام: ١٥٣].
الفائدة العاشرة: سفه الكفار، وأنهم لا عقول لهم، وجهه أنه بعد ظهور هذه الآيات العظيمة، عدلوا بالله - عزّ وجل -، وجعلوا له عديلًا وندًا، وهذا يدل على سفههم وإن كانوا أذكياء، ويؤيد هذا قول الله - تبارك وتعالى -: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}[البقرة: ١٣٠]، وبأن الله تعالى دائمًا ينعي على الكفار فقدهم العقل؛ كقوله تعالى:{أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} والآيات في هذا كثيرة، وهذا هو الحق أن الكفار ليسوا عقلاء، والمراد بنفي العقل هنا نفي عقل التصرف، لا عقل الإدراك فهم عقلاء من جهة الإدراك، ولهذا تلزمهم الطاعات ويلزمهم الإسلام، لكنهم ليسوا عقلاء من حيث التصرف، بل هم سفهاء، وما أحسن ما قال شيخ الإسلام - رحمه الله - عن المتكلمين قال: إنهم أوتوا فهومًا، ولم يؤتوا علومًا، وأوتوا ذكاء، ولم يؤتوا زكاء (١) فهم عندهم فَهم لكن ليس عندهم علم، يعني: بالشريعة، وعندهم إدراك لكِن ليس عندهم عقل.
الفائدة الحادية عشرة: أن ربوبية الله تعالى عامة للمؤمن
(١) الفتوي الحموية الكبرى (ص ٥٥٦) طبعة دار الأصمعي، ومجموع الفتاوى (١٢٣/ ٧١) طبعة مجمع الملك فهد.