و (عالم) ليس اسم تفضيل فلا يمنع التساوي، قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} [الأعلى: ١] هل نقول: سبح اسم ربك (العالي)؟ فهم مخطئون، وكذلك قوله تعالى:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}[الأنعام: ١٢٤] يقولون: الله عالم - سبحان الله - الله يصف نفسه بالأكمل وهم يصفونه بالأدنى.
فإذا قال: أنت إذا قلت: (أعلم) قارنت بينه وبين العالمين الآخرين وفضلته عليهم؟
فالجواب: وأنتم إذا قلتم (عالم) وصفتموه بما يوصف به الآخرون بدون تفضيل، فانظر كيف صار تحريفهم حجة عليهم.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: أن الله - سبحانه وتعالى - يفتن بعض الناس ببعض فيضل بسبب الآخر، وهذا واقع، مثلاً تفتح باب مساهمة في الخير فيسبق فلان وفلان، فيقول الآخرون: شيء تدخَّل فيه فلان لا نوافق عليه ولا نريده، ولا يمكن أن يسبقنا إليه.
الفائدة الثانية: إقرار الكافرين بأن الإيمان والإسلام مِنَّة من الله تعالى، لقولهم:{أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا}.
الفائدة الثالثة: أن أعداء المؤمنين يأتون بكل أسلوب للتنفير عن المؤمنين، لقولهم:{أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا}، وهذا مشاهد في كل شيء، الرسل - عليهم الصلاة والسلام - هل ذكر أعداؤهم ما ينفر عنهم من الأوصاف؟
الجواب: نعم، واقرأ الآية العامة الجامعة الشاملة: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (٥٣)} [الذاريات: ٥٢، ٥٣]، كذلك أيضاً أعداء أهل السّنَّة والجماعة، يصفهم أهل التعطيل بأوصاف تنفر عنهم،