للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* قال الله - عزّ وجل -: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥)} [الأنعام: ٢٥].

قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} (مِنْ) هذه تبعيضية، وعلامتها أن يحل محلها بعض، أي: بعضهم الذي يستمع إليك.

وقوله: {يَسْتَمِعُ} هنا جاءت بصيغة الإفراد مراعاة لِلَفظ (مَن)؛ لأن (مَن)، الموصولة يجوز أن يراعى معناها، وأن يراعى لفظها، فإذا روعي معناها جُعِل العائد عليها حسب ما يراد بالمعنى، وإذا روعي اللفظ صار مفردًا.

وقوله: {مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ}، أي: من يحضر ويستمع إلى قراءتك، ولكن لا ينتفع، ولهذا قال: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ}.

وقوله: {وَجَعَلْنَا}، أي: صيَّرنا.

وقوله: {عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} الأكنة جمع كنان؛ كزمام وأزمّة، وهو ما يغطي الشيء ويستره.

وقوله: {أَنْ يَفْقَهُوهُ}، أي: إرادة أن يفقهوه، فهو على تقدير مضاف يعني: (لا نريد أن يفقهوه)، وإن شئت فقل: كراهة أن يفقهوه، وبعضهم قال: إنه على تقدير (لا) والمعنى: ألا يفقهوه، والمعنى واحد، لكن كوننا نفسرها بكراهة أن يفقهوه أولى من كوننا نفسرها بـ (لا)؛ لأننا إذا فسرناها بـ (لا) فسرنا المثبت بالمنفي وهذا بعيد، وإذا فسرناها بكراهة فهذا مطرد مثل قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: ١٧٦]، أي: كراهة أن تضلوا.

<<  <   >  >>