للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحمد، والدليل على هذا قوله: - تبارك وتعالى - في الحديث القدسي: "إذا قال العبد {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} [الفاتحة: ٢]، قال الله: حَمِدني عبدي، وإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣)} [الفاتحة: ٣] قال: أثني عليَّ (١)، وهذا يدل على أن الثناء هو تكرار الوصف الكامل، والاشتقاق يدل عليه؛ لأن الثناء: من الثني، وهو إعادة الشيء، أو رد الشيء بعضه إلى بعض.

وأما قولهم: "على الجميل الاختياري" فهو بالنسبة لله - عزّ وجل - غير صحيح؛ لأن الله يحمد على ما يفعله - عزّ وجل -، وهو يختار ما يشاء، ويحمد على كمال صفاته اللازمة التي لا تتعدي إلى أحد، فهو محمود على كمال حياته، ومحمود على كمال قيوميته، الأول: وصف لازم، والثاني: وصف متعدٍ ولازم أيضًا.

فالصواب: أن حمد الله يكون على أفعاله التي يختارها، وعلى صفاته الكاملة اللازمة له، فهو - جل وعلا - مستحق بأن يحمد، والحمد الكامل مختص به.

فبماذا نُعرِّف الحمد؟

نقول: (الحمدُ وصفُ المحمود بالكمال - اللازم والمتعدي - حبًا وتعظيمًا)؛ فقد تصف شخصًا ما بالكمال لا محبة له لكن رجاء لما سيجازيك به، وقد تحبه وقد تمدحه لا على سبيل المحبة والتعظيم ولكن خوفًا من شره، وكذلك قد يمدح الرجل سلطانًا، أو وزيرًا أو ما أشبه ذلك لا محبة له ولا تعظيمًا، لكن يرجو نواله، أو يخاف منه.


(١) تقدم تخريجه (ص ٦).

<<  <   >  >>