وعقلاً، شرعاً؛ لأن الله أخبر به وأكده وضرب له الأمثال، وعقلاً؛ لأنه ليس من المعقول أن الله تعالى يوجد هذه الخليقة، ويأمرها وينهاها، ويرسل إليها الرسل، وتستباح الأنفس والأموال والذرية في القتال في سبيل الله، ثم تكون النتيجة أن الأرض تبلعهم فقط، هذا ينافي الحكمة، فالعقل يوجب أن يكون هناك بعث، حتى وإن لم يكن نص، فكيف والنصوص كثيرة، ومن رحمة الله - عزّ وجل - وله الحمد والفضل والمنة - أنه يكثر من إثبات يوم القيامة ويضرب له الأمثال؛ لأن الإيمان باليوم الآخر هو الذي يحمل الإنسان حقيقة على الإيمان؛ إذ لولا اعتقاد المؤمن أنه سيبعث ويجازى (إن خيراً فخير وإن شراً فشر) ما عمل أبداً، ولصارت الأمة موطناً للسلب والنهب والأخذ والعدوان.
لو قال قائل: عبارة: (لولا البعث لبطلت الحياة) هل هي صحيحة أم لا؟
فالجواب: العبارة صحيحة، فلولا البعث لبطلت أهمية الحياة؛ لأن الحياة في الواقع ليست حياة كاملة، فليس من الأهمية في شيء أن الإنسان يُعمَّر ما يُعمَّر ثم يفنى إلى غير شيء، والذي ينكر البعث فإنه ينكر أن يكون للدنيا فائدة، لنفرض أن الإنسان فعل كل شيء وصار عنده إنتاجات واختراعات ماذا ينتفع إذا لم يكن له آخرة يجازى عليها؟ لو قيل: ستدر عليه الأموال، نقول: والأموال ما مآلها؟ مآلها بيت الخلاء، الآن أشد عموم الانتفاع هو الأكل والشرب، أين يذهب؟ إلى الأماكن القذرة هذه نهاية المال، ولهذا فإن إنكار البعث بقطع النظر عن كونه كفراً وضلالاً يعتبر سفهاً.