قال: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (٤٩)} هذا القسم الثاني من الذين أرسل إليهم رسل، القسم الأول: الذي آمن وأصلح، والثاني:{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}، أي: ردوها ولم يقبلوها، {يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ}، أي: يصيبهم إصابة مباشرة كمس الجسم للجسم {الْعَذَابُ}، أي: عقوبة الله - عزّ وجل -.
قوله:{بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}، أي: بما كانوا يخرجون عن طاعة الله و (الباء) للسببية و (ما) مصدرية، ويقدر الكلام بكونهم يفسقون.
لو قال قائل: بعض الناس إذا خوفوا من عذاب القبر، ومن العذاب عموماً قالوا: هل رأيت القبر، وهل رأيت عذاب القبر هل يدخلون في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}؟
الجواب: يدخلون في الآية فهم مكذبون؛ لأن الذي لا يؤمن إلا بما يحسه فهو كافر؛ لأنه لم يؤمن بالغيب، لكن إنكار عذاب القبر على نوعين: فالذي ينكر عذاب القبر على البدن هذا لا يكفر؛ لأن بعض العلماء من علماء الملة قال به، والذي ينكر عذاب القبر مطلقاً فيقول: العذاب لا يقع لا على البدن، ولا على الروح فهذا كافر؛ لأنه مكذب لما تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتلقته الأمة بالقبول فكل مصلٍّ يقول:"أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر"(١)، والقرآن الكريم أشار إلى هذا في عدة آيات.
(١) أخرجه مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: ما يُستعاذ منه في الصلاة، رقم (٥٨٨).