المزارعة التي تشتمل على الغرر، حتى إن الله تعالى قال:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}[ق: ١٦] الذي يحدث به الإنسان نفسه يعلمه الله - عزّ وجل - قبل أن يحدث به لسانه، وقبل أن يعلم به إخوانه.
وهل نقول إذا كان خبيراً لزم أن يكون عليماً؟
نعم يلزم أن يكون عليماً، وقرن الله تعالى هنا بين الحكيم والخبير؛ ليعلم الناسُ أن حكمة الله - عزّ وجل - عن خبرة وعلم ببواطن الأمور، وعلى هذا فقد تكون الحكمة خفيةً على كثير من الناس؛ لأنه لا يدرك الحكمة إلا من كان خبيراً، ففي قرن هذين الاسمين فائدةٌ وهي أن الخبرة قد تكون خفية لا يعلمها إلا الله - عزّ وجل -.
ومن ثَمَّ قلنا: إن جميع أوامر الشرع ونواهيه حكمة، ولا حاجة أن نعرف العلة؛ لأننا نعلم أن الله حكيم، وأنه ما شرعه إلا لحكمة، وما موقفنا من الأوامر والنواهي إلا أن نقول:(سمعنا وأطعنا)، فإن تيسر لنا معرفة الحكمة فهذا منّة من الله - عزّ وجل -، ومساعدة ومعونة من الله، حتى يطمئن القلب ويقوى الإيمان، وإن لم تتبين فالمؤمن يكفيه أن هذا حكم الله - عزّ وجل -، ولذلك ربما تكون العبادة التي تخفى حكمتها أبلغ في التعبد؛ لأن الشيء إذا علمت علته قد يكون عقلك يأمرك به، لكن إذا كنت لا تعرف العلة فإن تذلُّلَك لله به وعبادتك إياه أبلغ في التذلل.
مثال ذلك: رمي الجمرات، وهي حصى تأخذها من
= حائط ... (٢٣٨١)، ومسلم، كتاب البيوع، باب: النهي عن المحاقلة والمزابنة وعن المخابرة (١٥٣٦).