للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخلقه الله) افترى على الله كذبًا، أو قال: (خلقته الطبيعة)، أو ما أشبه ذلك.

قوله: {أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ} هذان صنفان الأول كذب على الله، والثاني كذب بآيات الله، لا أحد أظلم ممن جمع بينهما ويليه الكذب على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، كما قال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "إنَّ كذبًا عليَّ ليس كَكذِبٍ على أحدكم" (١) بل هو أعظم.

ويلي ذلك الكذب على علماء الشريعة، فإذا كَذَبَ عليهم بأنهم أفتوا في كذا، فهذا كذب؛ لأنه كذب على الشرع إذ إن علماء الشريعة هم الذين يبلغون الشريعة، فإذا كذب عليهم فقد كذب على الشرع.

وقوله: {أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ}، أي: كذب بالآيات الدالة على أن الله - عزّ وجل - حق كذب بالآيات الكونية والآيات الشرعية، والتكذيب بالآيات الكونية أن ينفي كون الله - عزّ وجل - خلقها، أو ينفي أن الله - تعالى - انفرد بخلقها، والشرعية أن ينفي إرسال الرسل بما جاءت به من الوحي. و {أَوْ} هنا للتنويع، يعني: افترى أو كذب، وإن جمع بين الأمرين صار أشد، وإذا طبقنا هذه الآية على واقع المشركين من قريش، نجد أنها منطبقة عليهم تمامًا، فقد افتروا على الله الكذب بأن أشركوا معه ما لم ينزل به سلطانًا، وافتروا على الله الكذب، فقالوا: (هذا حلال وهذا حرام)، قال تعالى: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ


(١) رواه البخاري، كتاب الجنائز، باب: ما يكره من النياحة على الميت (١٢٩١)، ومسلم في: المقدمة، باب: تغليظ الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٤).

<<  <   >  >>