على هذه القواعد وبذلك يتبين أنه أكبر أو أصغر، ولما كان تكفير ولاة الأمور من أشد الأشياء خطرًا منع النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - من الخروج عليهم إلا أن نرى كفرًا بواحًا ظاهرًا بيِّنًا عندنا فيه من الله برهان (١).
الفائدة الثالثة: عِظَمُ ظلم من كذب بآيات الله؛ لأنه دخل في الطبقة العليا من الظلم؛ لقوله:{وَمَنْ أَظْلَمُ}، فلا يحكم بظلمه، أو بكونه في المرتبة العليا إلا إذا تبينت له الآيات لقوله:{كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ}[الأنعام: ١٥٧]، وقد قال الله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}[التوبة: ١١٥]، فإذا بَيَّنَ لهم ما يتقون حكم بضلالهم - سبحانه وتعالى -، وإلَّا فهم في عذر.
الفائدة الرابعة والخامسة: وجوب التصديق بكل آيات الله الكونية والشرعية، وجه ذلك أن (آيات) مضافة، والجمع إذا أضيف يفيد العموم.
ويتفرع على هذه الفائدة: أن من آمن ببعض وكفر ببعض فقد كفر بالجميع، فلا يعد مؤمنًا؛ لأنه يوجد بعض الناس يؤمن ويصدق بما يرى عقله أنه حق، ويكذب بما يرى أنه ليس بحق، أو يؤمن بما يرى أنه مناسب، ويكفر بضد ذلك وهؤلاء بيّن الله حكمهم فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا
(١) أخرجه البخاري: كتاب الفتن، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: سترون، رقم (٧٠٥٦)، ومسلم: كتاب الإمارة، باب: وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، رقم (١٧٠٩).