للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو قال قائل: لماذا حصر وظيفة الرسل في البشارة والإنذار؟

فالجواب: حتى لا يدَّعي مدع أن وظيفة الرسل تتعلق بالربوبية، وأن لهم نصيباً من تدبير الخلق، فالرسل ليس لهم إلا أن يبشروا الناس وينذروهم فقط، أما أن يهدوهم، أو يرزقوهم، أو يدفعوا عنهم السوء فليس من وظائفهم.

قوله: {فَمَنْ آمَنَ} بقلبه {وَأَصْلَحَ} العمل {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} لكن قوله: {آمَنَ} هذه مطلقة لم تقيد بشيء، إلا أن النصوص الأخرى قيدت كما في قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة: ١٧٧]، وكما قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في جوابه لجبريل لما سأله عن الإيمان قال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره" (١).

قوله: {وَأَصْلَحَ}، أي: أصلح العمل وإصلاح العمل لا يتم إلا بأمرين:

الأول: الإخلاص لله - عزّ وجل -، فمن أشرك مع الله في العبادة فإنه لم يُصلح العمل حتى وإن كان الشرك أصغر؛ لقول الله - تبارك وتعالى - فيِ الحديث القدسي: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" (٢).


(١) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب: سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - (٥٠)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب: بيان الإيمان والإسلام والإحسان (٨).
(٢) رواه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب: من أشرك في عمله غير الله (٢٩٨٥)

<<  <   >  >>