وقوله:{طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} هذا من باب التوكيد؛ لأنه من المعروف أن الطائر لا يطير إلا بجناحيه، كما إذا قلت يمشي برجليه، أو ينظر بعينيه، أو يسمع بأذنيه، وما أشبه ذلك، وأما دعوى بعضهم أن هذا قيد تخرج به الطائرات؛ لأن الطائرات تطير لكن ليس بجناحيها، فهذا غلط؛ لأن شيئاً لم يكن معروفاً في ذلك الوقت لا يصح الاحتراز منه؛ لأنه غير واردٍ أصلاً، فالصواب أن قوله:{يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} من باب التوكيد، على أني أقول إن الطائرة مركبة على هيئة الطير فيها جناح يمين ويسار يمنعها من التأرجح، وفيها أيضاً هواء، والطير يطير بالهواء، وفيها أيضاً انخفاض الأجنحة عند النزول، وارتفاعها عند الطلوع، المهم أن الذي سمعناه وقرأناه ورأيناه في الصورة أن هذه الطائرات مركبة على حسب الطيور.
قوله:{أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} وهذه الأمم - سبحان الله - متنوعة متفرقة مختلفة، في الأحجام، وفي الألوان، وفي القوى، وفي كل شيء، أيضاً مختلفة في اللغات والألسن.
فإن قيل: هل تفهم البقرة ما تصدره الهرة من الصوت؟
فالجواب: لا تفهم، ولا العكس، لكن بقرة مع بقرة تفهم، وهرة مع هرة تفهم، وتأمل - سبحان الله - تجد أن الهرة لها أصوات مختلفة، فإذا كانت تريد الذَّكَر فلها صوت خاص، وإذا كانت تريد أن تدعو أولادها الصغار فلها صوت خاص، تجدها تدخل في المكان، ثم تموء لصغارها فماذا هم مجتمعون عليها - سبحان الله - بصوت غير العادي، كذلك غيرها مثلها، فكل واحد من هذه الأمم لا يفهم لغة الأمم الأخرى.