نقول إنه كافر؛ لأنه جحد، والاستكبارُ أن يستكبر عن فعل ما تركه كفر، على أن الإنسان إذا ترك الطاعة استكبارًا حتى ولو كانت نافلة فإننا في شك من إيمانه؛ لأن جنس الاستكبار علو على الله - عزّ وجل - وعلى أوامره ونواهيه؛ فيخشى إذا ترك المسنون استكبارًا واستنكافًا أن يكون كافرًا، وقولنا: يخشى، يعني: أنه ليس مؤكدًا، لكن إذا صدر هذا الاستكبار عن كراهة لِما أنزل الله - عزّ وجل - فهو كفر، كما قال الله - عزّ وجل -: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٩)} [محمد: ٩]، ولهذا لا بد من الذل في القلب والتذلل في الجوارح، لا إذا تركه عمدًا متهاونًا به، وهناك فرق بين شخص يقول:(أنا لا أصلي الراتبة استكبارًا)، وآخر يقول:(لا أصلي الراتبة؛ لأنها لا تجب عليَّ)، الثاني لا يكفر ولا يفسق، وأما الأول فإن الإنسان يكون في شك من إيمانه.
ثم سلَّاه الله - عزّ وجل - بطريقة أخرى فقال:{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ}، وما أكثرهم حتى إن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في المنام أن النبي لا يتبعه إلا رجلان، أو رجل واحد، والنبي وليس معه أحد (١)، نوح - عليه الصلاة والسلام - بقي في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا يذكرهم بآيات الله، ويجهر لهم بالدعوة، وُيسِرُّ بها،
(١) رواه البخاري، كتاب الطب، باب: من لم يرق (٥٧٥٢).