للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإظهار في موضع الإضمار من فوائده أن هذا المُظهَر إذا كان معنى من المعاني فإنه يكون شاملًا محيطًا بكل ما ينطبق عليه، فمن جادل بالباطل لإدحاض الحق فهو كافر، ثم إما أن يكون كافرًا كفرًا أصغر، أو كفرًا أكبر.

* * *

* قال الله - عزّ وجل - {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (٢٦)} [الأنعام: ٢٦].

قوله: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ} (هم) الضمير يعود على الكفار، المجادلين.

قوله: {يَنْهَوْنَ عَنْهُ}، أي: عمَّا جئت به من الوحي.

قوله: {وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ}، أي: يبعدون، وقدم النهي على النأي مع أنه كان المتوقع أن يبدأ بالنأي الذي هو فعلهم بأنفسهم دون فعلهم بغيرهم، إشارة إلى شدة كراهتهم لما جاء به الرسول - عليه الصلاة والسلام -، حتى إنهم يبدؤون بنهي الناس قبل أن يبتعدوا عنه.

لو قال قائل: ذكر بعض المفسرين أن الآية نزلت في أبي طالب أن معنى (ينهون عنه)، أي: يدافع عنه، (وينئون عنه)، أي: أنه لا يؤمن؟

فالجواب: هذا غلط عظيم؛ لأن الآية في سياق الذم للنهي عنه والنئي عنه، ومعلوم أن الدفاع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس ذمًا بل هو محمود، لكنه لما وَجَدَ الصورة تشبه حال أبي طالب ظنها كذلك وهذا من تحريف القرآن، فالذم منصب على الأمرين.

<<  <   >  >>