للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفائدة السادسة: عموم قدرة الله تعالى لقوله: {فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، ويقابل القدرةَ العجزُ، وهنا صفتان متشابهتان أو متقاربتان، القوة والقدرة، والفرق بينهما يحصل بالتعريف، فالقدرة: التمكن من الفعل بلا عجز، والقوة: التمكن من الفعل بلا ضعف، والدليل قول الله - تبارك وتعالى - في القدرة: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فاطر: ٤٤]، والدليل في القوة قول الله تبارك وتعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [الروم: ٥٤].

لكن أيهما أعم؟

نقول: أما القوة فهي أعم؛ لأنها تكون في ذي الشعور وغيره، يعني في ذي الإرادة وغيره، فتقول: فلان قوي وتقول: الحديد قوي، وأما القدرة فإنها لا تكون إلا من ذي الإرادة، إذ لا يصح أن تقول: الباب قادر؛ لأنه ليس له إرادة.

وأيهما أكمل؟

القوة أكمل؛ لأنه يلزم من وجود القوة القدرة ولا عكس، ونضرب مثلاً لهذا برجل قيل له: (احمل هذا الحجر) فحمله لكن بمشقة، فبماذا نصف هذا الرجل؟ نصفه بأنه قادر غير قوي، وإنسان آخر قلنا له: (احمل هذا الحجر) فأقبل ليحمله فعجز فنقول: هذا عاجز غير قادر، ورجل ثالث قلنا له: احمل هذا الحجر فأخذه وكأنه ريشة، فهذا قوي، وهو قادر من باب أولى.

فكل شيء حتى وإن بعد في ذهنك فالله قادر عليه، لقوله تعالى: {فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، ولهذا نبه الله تعالى زكريا حين

<<  <   >  >>