آخر السورة عند ذكر نفخ الصور:{يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} فيقولون: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ}[يس: ٥٢]، أو يقال لهم:{هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ}، فيتبين الأمر جليًا في ذلك الوقت، ولكنه لا ينفع من لم يؤمن به في حياته.
الفائدة الثانية: تعلق علم الله بالمستحيل؛ لقوله:{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}.
فإذا قال قائل: هذا ليس بمستحيل؛ لأن الله قادر أن يعيدهم إلى الدنيا؟
فيقال: إنه مستحيل حسب وعد الله - عزّ وجل -، فإن الله قد قضى أن الناس لا يرجعون إلى الدنيا، ولهذا إذا تمنى الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله أن يرجعوا إلى الدنيا فيقتلوا مرة ثانية، كما فعل عبد الله بن حرام، حين قال له الله - عزّ وجل -: "تمنّ، قال: أتمنى أن أعود إلى الدنيا فأقتل فيك مرة أخرى، قال: إني قضيت أنهم إليها لا يرجعون"(١) وهذا قضاء كوني قدري.
فإن قيل: هل هو مستحيلٌ حسب قدرة الله، أو حسب وعد الله؟
فالجواب: حسب وعد الله، كالظلم بالنسبة لله - عزّ وجل - مستحيل حسب وعد الله - عزّ وجل -، لكنه قادر على أن يظلم، فهناك شيء مستحيل لذاته، وشيء مستحيل لغيره، إذًا قوله:{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} فيه دليل على تعلق علم الله تعالى بالمستحيل.
(١) رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة آل عمران (٣٠١٠)، وابن ماجه في: المقدمة، باب: فيما أنكرت الجهمية (١٩٠)، والإمام أحمد في مسنده (١٤٤٦٧).