الذي يكون بالنار {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (٧٢)} [الواقعة: ٧١، ٧٢]، إذاً الذي يطعم هو الله - عزّ وجل -، ثم لو شاء الله تعالى ما طعمنا، حتى مع وجود الطعام لو أراد الله لم يخلق لنا أفواهاً ولا أمعاء ولا معدات، فلا نطعم إذاً.
قوله:{يُطْعِمُ}، أي: يُوجِد الطعامَ من مأكول ومشروب، وما يصلح به الطعام والشراب، وكذلك يُوجِد الآلات في بني آدم التي تقبل الطعام وتنتفع به، ذكر بعض أهل العلم رحمهم الله: أنه لا يصل إليك الطعام إلا بعد أن يعمل به أكثر من ثلاثمائة شخص؛ لأنك تبدأ من الحرث والسقي، وتصريف الماء والشراء والطحن والعجن وغير ذلك، تجد مراحل كثيرة لا يصل إليك الطعام إلا بعد أن يتجاوز هذه المراحل.
وقوله:{وَلَا يُطْعَمُ} إذاً غيره محتاج إليه، وهو لا يحتاج لأحد، فهو لا يُطعم لغناه عن كل أحد، ثم هو - جل وعلا - لا يَطْعم؛ لأنه أحد صمد، ولو طعم لكان محتاجاً لطعام، وهذا مستحيل على الله - عزّ وجل -.
* * *
* قال الله - عزّ وجل -: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[الأنعام: ١٤].
قوله:{قُلْ} إعلان آخر.
وقوله:{إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ}، فالأمر الأول لتحقيق توحيد الربوبية، والثاني لتحقيق توحيد العبادة