الفائدة الثانية: أن الله سبحانه وتعالى حكيم رحيم، وذلك لكونه يأتي بالآيات للخلق، فإن هذا من الحكمة الواضحة؛ لأنه ليس من المعقول أن يأتي رجل، ويقول للناس إنه رسول ويستبيح دماء من لم يؤمن به وأموالهم وذرياتهم ونساءهم، يعني: بدون أن يكون هناك آية تدل على صدقه، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما من نبي - بعثه الله - إلا آتاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر"(١) هذا من جهة الحكمة.
أما من جهة الرحمة: فإن الله رحم الخلق بكونه إذا أرسل إليهم الرسل آتاهم الآيات الدالة على صدق هؤلاء الرسل، ولو شاء لأرسلهم بدون آيات، ثم من كذب أخذه، لكن تأبي حكمته ورحمته أن يرسل رسلًا بلا آية.
الفائدة الثالثة: إثبات ربوبية الله تعالى للكفار؛ لقوله:{مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ} وهذه هي الربوبية العامة، فربوبية الله - عزّ وجل - تنقسم إلى: عامة وخاصة، فربوبيته لأوليائه خاصة، ولأعدائه وأوليائه جميعًا عامةٌ، بإزاء ذلك تنقسم العبودية إلى: عامة وخاصة، فالعامة كقوله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣)} [مريم: ٩٣] والخاصة مثل قوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}[فاطر: ٣٢] وقوله: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ}[الفرقان: ١] والأمثلة كثيرة.
الفائدة الرابعة: خطر الإعراض عن الآيات، وأنه يخشى
(١) رواه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب: كيف نزل الوحي وأول ما نزل (٤٩٨١)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب: وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - (١٥٢).