بما أننا اندمجنا مع الناس فذهبنا إليهم، وأتوا إلينا، وجد شيء من البدع وأقوال الفرق، وإلا كان الناس لا يعرفون شيئًا من هذا إلا من طالع الكتب، لذلك نقول: إن مطالعة الجدل مع المتكلمين فيه فائدة بلا شك، ولكن انتبه أن تطالع وأنت ضعيف في العلم؛ لأنك لو فعلت لضللت، لا بد أن يكون عندك حماية تحمي بها نفسك.
لو قال قائل: ما هي الكتب التي ينصح بها لمطالعة كلام المتكلمين والتي فيها ردود عليهم؟
فالجواب: أنا ما رأيت أحسن من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله، لكن كلام ابن القيم - رحمه الله - أسهل وأقرب إلى الفهم، ولذلك تعتبر كتب ابن القيم - رحمه الله - سُلَّمًا لكتب شيخ الإسلام، وأما بقية المتكلمين فأكثر ما يكون الجدل بين الأشاعرة والمعتزلة، وهذا لا يكفي فإذا أردت العقيدة السليمة فعليك بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم - رحمهما الله تعالى - هذا أحسن ما رأيت.
لو قال قائل: حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء، وإن كان محقًا"(١) هل هو على إطلاقه حتى مع أهل البدع؟
فالجواب: ليس على إطلاقه، بل المراد المراء في غير الحق، أما المراء الذي يراد به إحقاق الحق وإبطال الباطل، فهو واجب، لكن مثلًا تَمَارَيْنا في شيء من أمور الدنيا، وأنا أعرف أن الصواب معي لكن لما رأيت صاحبي يريد أن يجادل تركته.
(١) رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب: في حسن الخلق (٤٨٠٠).