- تعالى - كذبهم علنًا؛ فموسى - عليه السلام - كُذِّب وأوذي، قال الله - تعالى -: {لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا}[الأحزاب: ٦٩].
فالمهم أن الرسل - عليهم الصلاة والسلام - أوذوا إيذاء لا يصبر عليه إلا أمثالهم، وقد قال الله لنبيه:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}[الأحقاف: ٣٥] بل لما ذَكَرَ أنه أنزل عليه قال {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (٢٣) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} [الإنسان: ٢٣، ٢٤] لم يقل: فاشكر نعمة الله، بل قال:{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} إشارة إلى أنه سيناله ما يناله من الأذى من أجل هذا الكتاب الذي نزل عليه.
قوله:{حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا}{حَتَّى} للغاية، يعني: فكانت الغاية أن الله - تبارك وتعالى - نصرهم؛ لأن الله أخذ على نفسه أن ينصر رسله فقال - عزّ وجل -: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}[المجادلة: ٢١]، وقال - عزّ وجل -: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١)} [غافر: ٥١]، ولا ينافي هذا ما يحصل لبعض الأنبياء من عدم النصر، وذلك لأننا نقول: هؤلاء الذين لم ينصروا إما (ألا يكونوا أمروا بالقتال أصلًا حتى يكون النصر)، وإما أن نقول: إن النصر نوعان: نصر عاجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - يجده في حياته، ونصر آجل لدعوته، فيكون لها انتصار من بعده، وآجل أيضًا يكون في الآخرة.
قوله:{وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ}، أي: لا أحد يستطيع أن يبدل كلمات الله - عزّ وجل -، لا يبدل كلمات الله إلا الله وحده، كما أنه لا مبدل لحكمه فلا مبدل لكلماته، وكلماته هي وحيه