ومن هذه الأمة من أنكر الحكمة، وقالوا: إن الله - عزّ وجل - يفعل ما يشاء لمجرد المشيئة، ويحكم بما شاء لمجرد المشيئة، وهذا غلط ونقص قالوا: لأنه لو فعل لحكمة لكان ذلك لغرض، وكونه يفعل الشيء لغرض نقص، ومن عباراتهم الفاسدةِ في المعنى الحسنةِ منظراً أو مسمعاً، (أن الله منزه عن الأعراض والأبعاض والأغراض)، أما الأعراض فمرادهم بذلك ما يعرض للفاعل من فعل، أو ترك، أو نحو ذلك، ولهذا ينكرون الاستواء على العرش، وينكرون النزول إلى السماء الدنيا، والأبعاض يقصدون بها الوجه واليدين وما أشبهها، والأغراض يريدون بها الحكمة، فيقولون: لو كانت أفعاله لحكمة وشرائعه لحكمة لكان له غرض، والله تعالى منزه عن الأغراض.
فنقول في الرد عليهم: هل الغرض الذي تتضمنه الحكمة لمصلحة الله، أو لمصلحة الخلق؛ ولا شك أنها في مصلحة الخلق، وإلا فإن الله يقول:{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}[الزمر: ٧] فهذه الحكمة التي يتضمنها الفعل، أو الشرع، أو الحكم إنما هي لمصلحة الخلق، وحينئذٍ تكون كمالاً.
الفائدة الثامنة: وجوب التضرع إلى الله - عزّ وجل -، والتضرع بمعنى اللجوء والإنابة إلى الله تعالى، والقيام بما يجب له من عقيدة أو قول أو عمل.
الفائدة التاسعة: بيان شدة قسوة هؤلاء المعذبين، وذلك أنه لما جاءهم العذاب ليتضرعوا صار الأمر بالعكس، بل زاد ذلك قسوة في قلوبهم نسأل الله العافية، وكان ينبغي عليهم أن يتضرعوا