للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {مِنْ آيَةٍ} (من): زائدة إعرابًا وليست زائدة معنى؛ لأن لها معنى وهو توكيد النفي، فإنها تُحوِّل النفي الذي يحتمل العموم والخصوص إلى كونه للعموم، فهي تحوّل الجملة المنفية إلى نص في العموم، مثل (لا) النافية للجنس، فإنها نص في العموم؟

فإن أردنا إعرابها قلنا: (مِن): حرف جر زائد إعرابًا، و (آية) فاعل (تأتي) مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحرف الزائد، ونظير هذا قوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ} [المائدة: ١٩] فإن (من): زائدة إعرابًا، و (بشير): فاعل مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.

وقوله: {مِنْ آيَةٍ} (الآية): هي في الأصل العلامة، لكنها هنا أخص من العلامة، لكونها نصًا في الدلالة، فالعلامة قد تكون أقل من ذلك، ولكن الآية نصّ في أنها علامة على ما جاءت من أجله، وآيات الله - عزّ وجل - تنقسم إلى قسمين: كونية وشرعية كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الفوائد.

قوله: {مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ} (من): هنا لبيان الجنس، لقوله: {مِنْ آيَةٍ}؛ لأن الآية قد تكون من عند الله، وقد تكون من عند غيره.

وقوله: {رَبِّهِمْ}، أي: خالقهم ومالكهم ومدبرهم؛ لأن الربوبية تشمل هذه المعاني الثلاثة.

قوله: {إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} {إلَّا} هذه إثبات للنفي، يعني: ما تأتيهم إلا كانوا عنها معرضين، أي: معرضين عن

<<  <   >  >>