قال - عزّ وجل -: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}[الإسراء: ٤٤]، أي: لا تفهمونه، والمعنى: أن الله جعل على قلوبهم سترًا واقيًا من فقههم له، فلا يصل معناه إلى قلوبهم.
قوله:{وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا}، أي: وجعلنا في آذانهم حملًا وصممًا، بحيث لا ينتفعون بما سمعوا، ومن لا ينتفع بما سمع فهو كمن لم يسمع، فنفى الله - عزّ وجل - عنهم الفقه ومحله القلب، والسمع ومحله الأذن، وهذا كقوله - تبارك وتعالى -: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥)} [القلم: ١٥]، يعني: لم يفهمها ولم يفقهها، وإنما يظنها أساطير، أي: حكايات، ليست ذات معنى مصلح للخلق.
قوله:{وَإِنْ يَرَوْا} بأبصارهم، أو يروا بقلوبهم {كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا}، والآية هي العلامة الدالة على صدق النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كما، قال - عزّ وجل - في سورة القمر: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢)} [القمر: ٢]- نسأل الله الهداية - الإنسان إذا طبع على قلبه - نعوذ بالله - لا يؤمن بأي آية، تأتيه الآيات مثل الشمس، ولكن لا يؤمن؛ لأن القلب مغلق عليه لا يصل إليه الهدى، هنا نفى الله عنهم الفقه، ومحله القلب والسمع ومحله الأذن، والإيمان بالآيات ومحله القلب مع مشاهدة العين.
قوله:{حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ}{حَتَّى} هنا للغاية، ويحتمل أن تكون للابتداء، والفرق بينهما أننا لو جعلناها للغاية صار ما قبلها مُغَيًّا بها، أي: أنهم لا ينتفعون بالآيات حتى إنهم إذا