لا، إذاً لو صح أنها بدعة شرعية لكان عمر ممن يُقتدى به وسُنَّته متبعة بأمر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -.
ثانياً: أنها بدعة نسبية باعتبار هجرها من عهد الرسول - عليه الصلاة والسلام - إلى أن أقامها عمر، ولا يصح أن نقول: إنها بدعة لغوية؛ لأن البدعة اللغوية لا بد تكون غير مسبوقة، لكن نقول: هي بدعة نسبية باعتبار أنها هجرت من عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ماراً بعهد أبي بكر، ثم أول خلافة عمر.
ثالثاً: هذه البدعة لها أصل في السُّنَّة، وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه في قيام رمضان ثلاث ليالٍ وتخلف في الرابعة، وقال:"إني خشيت أن تفرض عليكم وتعجزوا عنها"(١)، هذه علة تأخر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - عن إقامتها جماعة، وهل هي باقية في عهد عمر؟
الجواب: لا؛ لأن الحكم يدور مع علته وهذه العلة في عهد عمر لا يمكن أن تكون، فبطل تشبث أهل البدع بمثل هذه الكلمة من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
فإن قال قائل: ابتدعت أشياء أقرّها المسلمون؛ كجمع القرآن على مصحف واحد، وتبويب الأحاديث، وبناء المدارس، وأشياء كثيرة، ما تقول في هذا؟
فالجواب: هذه ليست مقصودة بذاتها، بل هي مقصودة لغيرها، فجمع الناس على مصحف واحد لئلا تتفرق الأمة، ولو
(١) رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب: من قال في الخطبة بعد الثناء أما بعد (٩٢٤)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح (٧٦١).