يعني: لو أنزلنا ملكاً لانتهى الأمر بنزول العقاب بهم؛ لأن الأمم السابقة إذا اقترحت آية معينة، ثم أعطوا الآية المعينة التي طلبوها، ثم لم يؤمنوا أخذوا بالعقاب بدون إمهال، ولم تؤخذ قريش بآية انشقاق القمر؛ لأنها لم تطلب هذه الآية المعينة، بل قالوا: يا محمد أرنا آية فأراهم انشقاق القمر، هكذا قال أهل العلم، أما إذا اقترح المكذبون للرسل آية معينة، ثم جاءت ولم يؤمنوا نزل بهم العذاب.
قوله:{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا}، يعني: لو جعلنا الرسول ملكاً {لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا} حتى لو فرض أننا جعلناه ملكاً فلا بد أن نجعله بشراً؛ لأنه لا يتلاءم المَلَكُ مع البشر، ولهذا قال الله - تبارك وتعالى - في سورة الإسراء: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (٩٥)} [الإسراء: ٩٥] لكن ليس في الأرض إلا بشر، ولا يمكن أن يرسل إليهم ملائكة؛ لأن ذلك لا يناسب.
وقوله:{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا}، وحينئذٍ يبقى الإشكال ولهذا قال:{وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ}، أي: خلطنا عليهم الأمر، كما خلطوه على أنفسهم.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: تعنت المكذبين للرسل، وطلبهم آيات، مع أن الآيات كانت موجودة، لكنهم متعنتون.
الفائدة الثانية: أن المكذبين للنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يؤمنون بالملائكة لقوله:{لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ}.