السميع، أي: المُسْمِع ليس المعنى السامع؛ لأنه داعٍ والشواهد على ذلك كثيرة وحكيم أيضاً تكون بمعنى حاكم، إذاً هي مشتقة من الحِكمة ومن الحكم، والدليل على أنها من الحكم قول الله تبارك وتعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠)} [المائدة: ٥٠] وأما الدليل على أنها مشتقة من الحكمة فقوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (٨)} [التين: ٨] والجواب بلى؛ إذاً الحكيم مشتقة من الإحكام والحكم، فإذا كانت مشتقة من الإحكام أو الحكمة فهي بمعنى محكِم، وإذا كانت من الحكم فهي بمعنى حاكم، والله - تبارك وتعالى - موصوف بهذا وهذا.
ثم اعلم أن الحكم كوني وشرعي، فمن الكوني قول الله تعالى عن أخي يوسف:{فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي}[يوسف: ٨٠]، أي: يقدر لي، هذا حكم قدري.
وأما الشرعي فكما في قول الله - تبارك وتعالى - في سورة الممتحنة {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ}[الممتحنة: ١٠]، أي: شرعه.
فإن قال قائل: ما الفرق بينهما؟
قلنا: الفرق بينهما من وجهين:
الأول: أنه إذا حكم الله تعالى بشيء حكماً قدرياً فلا بد أن يقع، فإذا حكم - سبحانه وتعالى - بالخوف فلا بد أن يقع الخوف، وإذا حكم بالجدب فلا بد أن يقع الجدب، وإذا حكم بالرخاء فلا بد أن يقع رخاء، وهلم جرَّا.
أما الحكم الشرعي فإذا حكم بشيء فقد ينفذ وقد لا ينفذ،