للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {وَفِي الْأَرْضِ} الواو حرف عطف، والأرض معطوفة على السماوات، فيكون المعنى: الله في السماوات وفي الأرض، أي: مألوه في السماوات وفي الأرض، فتكبي ن هذه الآية كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤]، وعلى هذا التفسير لا إشكال فيها.

وذهب بعضهم إلى أن الآية فيها وقف على {السَّمَاوَاتِ}، وهذا على جَعْل لفظ الجلالة (الله) علمًا على الذات دون المتعبد لله، يعني: أن الله في السماوات كقوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: ١٦] ثم استأنف فقال: {وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ}، فتكون (في الأرض) متعلقة بما بعدها، أي: بقوله: {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ}.

أما على الوجه الأول، فيكون معني الآية ظاهرًا، أن الله مألوه في السماوات ومألوه في الأرض، كما أنه خالق السماوات والأرض، يراد بذلك إثبات الألوهية في السماوات والأرض، كما ثبتت الربوبية، بمعنى: أن مَن في السماوات يتألهه ومن في الأرض يتألهه، نظيرها قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ}؛ لأن الخلق من مقتضيات الربوبية، وهذا لا إشكال فيه.

أما على القول الثاني: فيكون المعنى: أن الله ذاته في السماوات لا من يألهه فتكون المناسبة أنه ليس كونه في السماوات مع بُعْدِهَا الشاسع بمانع عن علمه بكم وأنتم في الأرض، فهو في السماوات ومع ذلك في الأرض يعلم سركم وجهركم.

<<  <   >  >>