نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ}، قد ينازع منازع ولقول: إن القائل هم الملائكة، وأضاف الله قولهم إلى نفسه؛ لأنهم رسله، القائلون بأمره، فهو كقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨)} [القيامة: ١٨] مع أن القارئ جبريل؟
نقول: هذا وارد بلا شك، أي: أنه يحتمل أن يكون الذي يقول لهؤلاء المشركين: ملائكة، وأضاف الله ذلك إليه؛ لأنهم يقولون بأمره، ولكن ظاهر القرآن أن القائل هو الله - عزّ وجل -، فإذا كان هذا هو ظاهر القرآن فليس لنا مندوحة عنه؛ لأن الله سوف يحاسبنا يوم القيامة، فيقول: كلامي {ثُمَّ نَقُولُ}، فكيف يُصرف بأنَّ المراد به الملائكة بلا دليل، فالواجب الأخذ بظاهر القرآن ما لم يوجد دليل، فإذا وجد دليل ينقل الكلام عن ظاهره فعلى العين والرأس.
فإن قال قائل: أيقول بالحروف المسموعة المعقولة، أو بحروف أخرى؟
فالجواب: لا شك أنه يقول بحروف مسموعة معقولة.
فإن قال قائل: وهل يشبه صوته صوت المخلوقين؟
فالجواب: لا؛ لأن الله يقول:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١].
ولأن الله - عزّ وجل - إذا تكلم بالوحي أخذت السماوات منه رجفة، وصعق الملائكة، ومثل هذا لا يقع في كلام الآدميين أبدًا، ولا في كلام المخلوقين عمومًا.
الفائدة السادسة: توبيخ أولئك المشركين، حيث يقال لهم في هذا المجمع العظيم:{أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ}.